Thursday, January 6, 2011

Principles of Education in Holy Qur'an


طرائق التعلم والتعليم في القرآن الكريم
                                                                                               ن.  شمناد *
Research article published in ٍSawtul Umma Journal, Vol 42, No.11, November 2010, PP 54-58 &  Presented in the International Seminar on the Language, Interpretations & Science of Qur'an, University of Kerala, on 01/04/2010
1. المقدمة

إذا تأملنا حياة الإنسان نجد أن التعلم يشكل مكانا هاما فيها على نحو مستمر عبر مراحل العمر المختلفة. قدم القرآن الكريم بناء تعلميا متكاملا[1] للبشرية يحقق لهم السعادة والفوز منذ أكثر من أربعة عشر قرنا. ويتسم البناء التعلمي في القرآن بخاصية فريدة تميزه عن كافة النظريات الوضعية. وهي المصدر الإلهي[2] للبناء التعلمي الذي يؤكد ثباته المطلق وفائدة العظمى للإنسان. وينبثق النظام التعلمي في القرآن من النظام التفسيري والرؤية الصادقة للكون والحياة والمجتمع والتاريخ والإنسان، فالله هو الخالق وهو المنظم ومبدع الإنسان، ومنزل الشريعة المناسبة له والقادرة على تنظيم شؤونه، وعلى تحقيق التوازن أو التعادلية المعجزة لحاجاته الجسدية المادية والروحية والعقلية .وينطلق نظام القرآن في التعلم من الفهم الصادق لحقيقة الإنسان والهدف من خلقة وأساليب تحقيق أهدافه ومصيره في الآخرة، وهي مقدمات لابد منها حتى يستوي النظام التربوي غاية ووسيلة ويحقق أهدافه[3]. النظام التربوي في القرآن يأخذ في الاعتبار مجموعة من الأبعاد وهي: تحديد الصلة بين الخالق وبين الإنسان المخلوق، وتنظيم أمور الناس في الدنيا وعلاقتهم سياسيا واقتصاديا وأسريا وتربويا، وبيان كيفية تحقيق الهدف السامي من استخلاف الله للإنسان في الأرض وأسلوب معيشته، ومراعاة البعد الزمني لعمر المتعلم فهو يبدأ في الدنيا ويمتد إلى الآخرة عبر مستقبل. التعلم في القرآن يحقق النمو المتكامل المتوازن لشخصية الإنسان. وهو تعلم فكري وسلوكي وعملي معا، ويجمع التعلم الإسلامي بين الطابع الفردي والاجتماعي معا، وينشئ الفرد على مراقبة الله، ويحافظ على فطرة الإنسان النقية ويعلي غرائزه الفطرية. وهذا التعلم تعلم موجه نحو الخير، وتعلم مستمر، وتعلم عالمي منفتح، وتعلم يجمع بين المحافظة والتجديد[4].

2. أهداف التعلم في القرآن

1.     الحفاظ على الفطرة وتنميتها من خلال تعريف الإنسان بخالقه وبناء العلاقة بينهما.
2.     تطوير سلوك الفرد[5] وبناء اتجاهاته اللفظية والعملية السلوكية بحيث تتطابق مع السلوك الإسلامي.
3.     إعداد الفرد لمواجهة متطلبات حياته في هذه الدنيا.

4.     بناء المجتمع الصالح الذي يقوم نظمه على أساس شريعة الإسلام استنادا إلى الكتاب والسنة[6].
5.     إعداد الناس لحمل الرسالة الإسلامية ونشرها في العالم كله حتى ينتشر الحق.
6.     غرس القيم الإيمانية الإسلامية في النفوس مثل وحدة الإنسانية والمساواة بين البشر.

3.  طرائق التعليم والتعلم في القرآن الكريم
يمكن أن يلخص أهم طرائق التعليم والتعلم التي تشير إليها القرآن الكريم كما يلي[7].
1. التعلم بالقدوة الطيبة، والموعظة الحسنة :
لقد علم القرآن الكريم من طرائق التعليم والتعلم وإعداد المتعلم القدوة الطيبة والصادقة في سلوك الأب، والمعلم مع اتباع الموعظة الحسنة، حيث يوجه المتعلم إلى السلوك القويم، وتدعيم الحسن منه وتخلية المتعلم من السيئ والمرفوض منه، ويتضح هذا جليا في أسلوب لقمان – عليه السلام – مع ابنه وهو يربّيه، قال تعالى: {وإذ قال عثمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}[8].
2. التعليم والتعلم بالملاحظة الدقيقة والمنظمة :
أقرّ القرآن أهمية الملاحظة المنظمة والمشاهدة المتكررة في التعليم والتعلم، حيث يرسل الله النبي أو الرسول ويدعم موقفه التعليمي بالمعجزات التي يشاهدها المتعلم (المرسل إليه)، ويستنتج منها النتائج والعظات والعبر، فيعدل من سلوكه إذا فقه الدرس ووعاه، قال تعالى : {ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها}[9]. وفي هذه الآيات أوضح النبي صالح – عليه السلام – لقومه قدرة الله بهذه الناقة التي تسير أمامهم، وتشرب الماء في يوم، وتعطيهم اللبن. وقد حشد القرآن الكريم عشرات المواقف التعليمية بالملاحظة المنظمة مثل موقف إبراهيم – عليه السلام – مع الشمس والقمر وعبادته لله، وكذا التفكر في خلق الله[10].
3. التعليم والتعلم بالمناقشة:
حيث إن التعليم الجيد يستلزم مشاركة المتعلم في العملية التعليمية بحماس وإيجابية، والمناقشة تشجع المتعلم على المشاركة في الموقف التعليمي، والمناقشة لون من الحوار الشفوي بين المتعلم والمعلم يؤدي بالمتعلم إلى التوصل إلى جوانب التعلم المعرفية الأساسية. قال القرآن: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله[11]  قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا... قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي[12]}. فالمعلم الناجح يخطط للحوار في تدريسه بحيث يصبح الحوار منظما منطقيا مقنعا، ويحاول أن يمس الحوار حاجة عند المتعلم، ويعمل على تعديل سلوك المتعلم بما يقنعه في ذلك من الحوار، وعندما يصل الحوار إلى منتهاه، أو يرى المعلم أن نتائج الحوار غير مجدية فعليه أن يفكر في أسلوب آخر غير هذا الأسلوب الحواري لتعليم تلاميذه وتعديل سلوكهم، وهذا ما أرشدتنا إليه الآيات السابقات من سورة هود[13].
4. التعليم والتعلم بالعروض العملية :
العرض العملي هو النشاط الذي يقوم به المعلم أو المتعلم أو أي متخصص أو مجموعة من المتعلمين أو المتخصصين بقصد توضيح حقيقة أو قانون أو قاعدة أو نظرية أو تطبيقاتها في الحياة العملية باستخدام بعض وسائل الإيضاح مثل العينات والنماذج والصور والرسوم والأفلام والتجارب العملية إلى جانب الشرح الشفوي. وقد أقر القرآن الكريم أسلوب التعلم بالعروض العملية في العديد من المواقف التعليمية الواردة في القرآن الكريم، ومنها قصة الغراب عندما قتل ابن آدم أخاه[14].
5. التعليم بالتجريب العملي، والدراسة اللامختبرية :
أقر القرآن التجريب طريقة من طرائق التعلم القاطعة، والتي لا شك بعدها، وقد اتضح هذا في موقف إبراهيم -عليه السلام- الذي يشير إليه القرآن[15]. وهذا قمة التعلم بالتجريب فإبراهيم يود أن يطمئن عمليا، إلى ما استيقن به نظريا وعقليا وقلبيا، فطلب تجربة عملية، فكانت تلك التجربة التي أخذ فيها أربعة من الطير وذبحهن بيديه، بعد أن علمهن وعرفهن جيدا، ثم مزقهن قطعا، ووضع بيديه على كل جبل منهن جزءا، ثم دعاهن فأتينه سعيا على هيئتهن قبل أن يمزقهن ويوزعهن على الجبال.
6. التعليم والتعلم بالرحلات والزيارات التعليمية :
أقرّ القرآن النشاط التعليمي المخطط له باعتباره جزءا متكاملا من عملية التعليم والتعلم الذي يقوم به المتعلم تحت إشراف المعلم في البيئة الخارجية، ويتضح هذا جليا في قصة موسى مع العبد الصالح[16]، قال تعالى: {قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمتَ رشدا}[17].  

7. التعلم الاجتماعي :
بنى القرآن الكريم تعلم العقائد وتأدية العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج على النشاط والسلوك الجماعي حتى ولو كان الفرد يؤدي العبادة منفردا[18].

8. التعلم الذاتي :
أقر القرآن أسلوب التعلم الذاتي في إحداث تغيير في سلوك المتعلمين سواء أكانوا فرادى أو جماعات، حيث أمرهم القرآن بالتفكر في خلق الله بدون معلم أي بالذات، وهذا من أحدث الأساليب التربوية التي ينادي بها رجالات التربية في العصر الحديث، قال القرآن: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ...لآيات لقوم يعقلون}[19].

9. التعلم بالثواب والعقاب :
ثبت علميا أن للثواب والعقاب أهمية كبرى في عملية التعليم والتعلم وتعديل سلوك المتعلم، وقد أقر القرآن الكريم مبدأ الثواب والعقاب في كثير من المواقف قال القرآن: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة... وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}[20]، كما أقرّ القرآن بقطع يد السارق حتى يصبح عظة وعبرة وتعلما وتعليما لمن تسوّل له نفسه الاعتداء على حرمات المجتمع[21].

10 - التعليم والتعلم بالقصة والعرض التاريخي:
والمعلوم أن للقصة أثرا طيبا في تعديل السلوك والتعليم والتعلم، فهي تستحوذ على لب المتعلمين في جميع الأعمار. وقد تميز القصص القرآنية بأنها أحسن القصص حيث الواقعية والصدق والعفة ونبل الهدف، قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}[22]. وقد وردت كلمة قصة باشتقاقاتها المختلفة في القرآن الكريم 26 مرة، وفي القرآن سورة تسمى سورة القصص، كما عرض القرآن في أسلوب تعليمي تعلمي تاريخ الأمم السابقة.

11 - التعليم بضرب الأمثال:
في القرآن الكريم 130 آية فيها مثل[23]، ضرب الأمثال وتقديم النماذج وسيلة استخدمها القرآن للتعليم. وهذا أسلوب علمي تربوي سبق به القرآن علماء التربية الحديثة في تقريب المجرد بالمحسوس فضرب الله مثلا للمنافقين: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون}[24].

12 - التعليم والتعلم بالعظة التاريخية :
استخدم القرآن الكريم طريق العبرة بما حدث للسابقين في تربية المؤمنين: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد}[25].
قدم القرآن الكريم مبادئ وطرائق التربية المتنوعة والمتباينة والشاملة، والذي يقف على الأساليب العلمية التربوية الحديثة يعرف أنها قاصرة وعاجزة أمام الإعجاز القرآني في مجال التربية والتعليم.
المصادر
1.     القرآن الكريم
2.     علوان، عبد الله ناصح، (1983)، تربية الأولاد في الإسلام، القاهرة: دار السلام للنشر والتوزيع
3.     موسى، نظمي خليل، (1995)، من طرائق التعلم والتعليم في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، القاهرة: مكتبة النور
4.     سلامة شاش، سهير محمد، (2006)، علم نفس اللغة، القاهرة: مكتبة زهراء الشرق
5.     الزعبلاوي، محمد السيد، طرق تدريس القرآن الكريم، الرياض: مكتبة التوبة
6.     نجاتي، محمد عثمان، القرآن وعلم النفس، بيروت: دار الشروق
12. http://www.albahaedu.gov.sa/vb/showthread.php?t=4411
14. http://www.balagh.com/mosoa/mabade/ys0uxkf5.htm



*     أستاذ مساعد بقسم العربية، كلية الجامعة، تروننتبرم
[1]     سلامة شاش، سهير محمد، (2006)، علم نفس اللغة، القاهرة: مكتبة زهراء الشرق، ص: 198
[2]      http://www.balagh.com/mosoa/mabade/ys0uxkf5.htm
[3]     http://www.dm33.com/vb/t9846.html
[4]     http://www.ejtemay.com/showthread.php?t=407
[5]   http://www.moeforum.net/vb1/showthread.php?t=195991
[6]    http://www.albahaedu.gov.sa/vb/showthread.php?t=4411
[7]     موسى، أبو العطا، (1995)، من طرائق التعلم والتعليم في القرآن والسنة النبوية، القاهرة : مكتبة النور، ص:10
[8]    سورة لقمان : الآية 13
[9]    سورة هود: الآية 64
[10]   http://www.nazme.net/ar/index.php?p=show_articles&id=222
[11]   سورة هود : الآية 84
[12]   سورة هود: الآيات 88 - 89
[13]    http://www.tebyan.net/IslamicFeatures/Islam_Life/2006/6/18/28841.html
[14]    سورة المائدة: الآية 31
[15]    سورة البقرة : الآية 260
[16]     يقال إنه الخضر عليه السلام
[17]     الكهف : الآية 66
[18]    http://www.nazme.net/ar/index.php?p=show_articles&id=222
[19]    البقرة : الآية 164
[20]     النور : الآية 2
[21]    عبد الله ناصح علوان : تربية الأولاد في الإسلام ، القاهرة : دار السلام للنشر والتوزيع ( 1983
[22]   يوسف : الآية 3
[23]    http://www.medharweb.net
[24]   البقرة : الآية 17
[25]    الفجر : الآية 6

No comments:

Post a Comment